فصلين: في الأجرة والضمان، فأما الأجرة فعليه المسمى في مقابلة عشرة أقفزة منها، وعليه أجرة المثل في مقابلة الخمسة، لأنه متعد في حمل ذلك المقدار عليها، وأما الضمان فإن كانت قد تلفت وهي في يده، وليس معها صاحبها، فإنه يلزمه جميع الضمان لأنه متعد في ذلك.
وإن كان معها صاحبها قيل فيه قولان: أحدهما يلزمه نصف القيمة، لأنها تلفت من فعل مأذون وغير مأذون، والآخر يلزمه بقسط ما تعدى منه وهو الثلث مثل مسألة الجلاد.
وأما إذا اكتالها الحمال بنفسه وحملها على بهيمته فلا أجرة له في تلك الزيادة لأنه متطوع بحملها، متعد بذلك، ولصاحبها أن يطالبه بردها إلى بغداد لأنه في حكم الغاصب وإن أراد أن يأخذها منه بالكوفة كان له ذلك، وليس له أن يحملها إلى بغداد لأنها عين مال المكتري، هذا إذا اجتمعا في الكوفة.
وأما إذا كانا قد رجعا إلى بغداد وعلم المكتري ذلك قيل فيه قولان:
أحدهما أن يطالبه بردها إلى بغداد، لأنه حملها إلى الكوفة بالتعدي، والآخر لا يجب عليه ذلك، وله أن يطالبه بمثلها، كما قلنا في العبد إذا غصبه رجل ثم أبق فإن للمغصوب منه أن يطالبه بقيمته، وليس له أن يطالبه برد العبد.
فعلى هذا إذا أخذ مثل طعامه ملكه ولم يملك الحمال ذلك الطعام، وله التصرف فيه فإذا رد الحمال ذلك استرجع طعامه إن كان بعينه، وإن كان قد تلف وتصرف فيه المكتري طالبه ببدله.
فأما إذا اكتاله أجنبي فالحكم في ذلك مترتب على ما قلناه، فهو مع المكتري فيما يرجع إليه بمنزلة الحمال مع المكتري وهو مع الحمال بمنزلة المكتري معه، هذا كله إذا اكتاله واحد وحمله على البهيمة.
فأما إذا اكتاله المكتري وحمله الحمال على البهيمة، قيل فيه وجهان:
أحدهما: أن الحكم فيه كما لو حمله المكتري لأن التدليس قد وجد منه، لأنه هو الذي اكتال أكثر من المقدار المقدر، فالحكم فيه كما لو حمله هو أيضا.