فإذا ثبت ذلك فإن الأمين ينفق عليها، وإن جعله إليه وأنفق عليها كان كما لو أنفق عليها من غير حكم حاكم، فيكون كالمتطوع، فإن ادعى قدرا وصدقه الجمال أو قامت عليه بينة رجع عليه به، وإن لم يصدقه ولم يقم به بينة لم يكن له الرجوع، هذا على قول من لا يجوز أن يجعله إليه.
ومن قال: يجوز أن يجعله إليه، فإذا ادعى قدرا من الإنفاق فإن كان ذلك من تقدير الحاكم قبل قوله فيه، وإن لم يكن من تقديره وصدقه الجمال لزمه ورجع عليه به، وإن لم يصدقه وكانت قدر كفايته بالمعروف قبل قوله فيه، ولا يقبل في الزيادة.
هذا كله إذا رفع إلى الحاكم.
فإن لم يرفعه إليه مع تمكنه منه، فإنه لا يرجع بما أنفق إليه، لأنه أنفق بغير إذن صاحبها، وإذن من يقوم مقامه، وإن لم يكن هناك حاكم، فإن لم يشهد أو أشهد ولم يشترط له الرجوع، فإنه لا يرجع به عليه، وإن أشهد على الإنفاق وشرط له الرجوع حين الإشهاد، فهل له الرجوع به أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما ذلك له لأنه موضع ضرورة، والثاني لا يرجع لأنه أنفق عليها بغير إذن صاحبها وإذن من يقوم مقامه وهو الحاكم.
فإذا تقرر هذا فكل موضع جعلنا له الرجوع بما أنفق فإذا بلغ الغاية المحدودة ولم يرجع الهارب، فإن الحاكم يبيع بعض جماله أو جميعها ويوفيه حقه منها، فإن باع البعض ووفى بقدر الإنفاق نظر فيما بقي: فإن كان الأحوط له أن يبيعها - لأنه لو تركها أكل بعضها بعضا - فإنه يبيعها ويحفظ الثمن عليه، وإن كان الأحوط إمساكها أمسكها، فإذا رجع ردها عليه.
يجوز الاستئجار لحفر البئر، غير أنه لا يجوز حتى يكون المعقود عليه معلوما، ويصير معلوما بأحد أمرين: بتقدير المدة، وتقدير نفس العمل.
فأما المدة فيكفي أن يقول: اكتريتك لتحفر لي بئرا يوما أو عشرة وما يقدره، لأن المعقود عليه يصير معلوما محدودا بذلك المقدار.