وإذا كانت المسألة بحالها غير أن الماء زاد تلك الزيادة التي تسقى بها، جاز إكراؤها لأنه يملك الانتفاع بها في الحال، والماء الذي تستقى بها موجود، وأما إذا كانت تلك الزيادة زيادة معتادة جاز عقد الإجارة لأنه مأمون الانقطاع في الغالب، وذلك مثل أرض البصرة التي تسقى بالمد لأن للمد وقتا معتادا لا ينقطع فيه، وكذلك سائر الأراضي التي تسقى بالزيادة المعتادة التي توجد في كل سنة في وقتها.
ويقال إن النيل يزيد في وقت الخريف، وهو وقت الزراعات، ويزداد زيادتين: مأمونة وغير مأمونة، فالمأمونة أن يزيد دون ستة عشر ذراعا، والتي ليست بمأمونة فستة عشر ذراعا فما فوق ذلك، فإن كانت الأرض على دون ستة عشر ذراعا من الماء فتلك زيادة معتادة، فيجوز إكراؤها لأنها مأمون الانقطاع، وإن كانت على أكثر من ذلك، فالكراء فاسد، لأن تلك الزيادة نادرة فماؤها غير مأمون الانقطاع.
إذا اكترى أرضا وفيها ماء قائم فإنه ينظر: فإن كان ذلك الماء لا ينحسر عنها يقينا أو لا ينحسر في الغالب فإنه لا يصح العقد، لأنه لا يمكن الانتفاع بالزراعة، وإن كان قد ينحسر وقد لا ينحسر لم يجز أيضا، لأن الانتفاع بها مشكوك فيه، وإن كان الماء ينحسر عنه يقينا أو في الغالب جاز، لأن الغالب بمنزلة اليقين.
وفي الناس من قال: إذا كان فيها ماء لا يمنع الانتفاع بها بنوع من الزرع، فإن العقد جائز، وذلك مثل أن يكون الماء قدر شبر فما دونه لأنه يمكن أن يزرع أرزا، وإذا أمكن الانتفاع بها بنوع من الزرع، رجع إطلاق العقد إليه، وجاز، وإذا كان فيها من الماء ما يمنع الزراعة جملة، ولا يمكن أن ينتفع بها بنوع من الزروع فإن العقد باطل، والصحيح الأول.
فأما إذا استأجر الأرض وليس فيها ماء قائم، غير أن الغالب أنها تغرق بعد ذلك ويحصل فيها وقت الزراعة ماء قائم يمنع الانتفاع بها، فما يتوقع بعد