أحوال: إما يشرط القلع أو يشرط التبقية أو يطلق.
فإن شرط القلع جاز ذلك، لأن الزرع قد يقصل قبل بلوغه وينتفع بالقصيل وهو مقصود.
وإن شرط التبقية كان العقد باطلا لأنه عقد الإجارة مدة على أن ينتفع بالأرض مدة أخرى، وذلك لا يجوز كما لا يجوز أن يستأجر دارا ويشرط أن ينتفع بدار أخرى للمكري.
فإذا ثبت أن العقد باطل فإن له أن يمنعه من الزرع، لأنه لا يملك الانتفاع لفساد العقد، فإن زرع قبل أن يمنعه من ذلك لم يكن له قلعه، لأن العقد وإن كان فاسدا فإن الإذن باق، وقد زرع بإذن صاحب الأرض، فيكون له التبقية إلى بلوغ الحصاد، وعليه أجرة المثل لتلك المدة.
وأما إذا أطلق ذلك، فإن الإجارة صحيحة، لأنه يجوز أن يزرعها للقصيل، فإذا انقضت المدة فهل له أن يجبره على القلع أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما أن له أن يجبره على القلع لأن التحديد يقتضي التفريع عقيب مضي المدة، والثاني لا يجبر على ذلك، لأن المكري لما دخل في هذا العقد ولم يشرط قلع الزرع مع علمه أن ذلك الزرع الذي سماه لا يبلغ في ذلك الوقت، كان رضا منه بالتبقية.
فإذا قيل: يجبره، فالحكم على ما مضى في الأقسام، وإذا قيل: لا يجبره، فالحكم على ما مضى في الأقسام التي جعل له التبقية فيها.
إذا اكترى أرضا لا ماء لها إلا المطر، وهي مثل المزارع التي تكون على الظراب، أو اكترى أرضا تسقى بماء النهر غير أنه لا يبلغها إلا إذا زاد الماء في النهر زيادة مفرطة نادرة، فإن ذلك لا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يشترط في العقد أنه يعقد عليها للزراعة، أو يذكر في العقد أنه لا ماء لها، أو يطلق.
فإن شرطا في العقد أنها للزراعة، كان العقد باطلا، لأنه عقد على منفعة لا يمكن استيفاؤها، فهو مثل إجارة الآبق للخدمة.
وإن ذكر المكري أنها أرض بيضاء لا ماء لها جاز العقد لأنه ينتفع بها بغير