فأما الأول، وهو إذا أطلق فإن له أن يزرع أي زرع شاء، لأن أعظمها ضررا مأذون له فيه، وإن ذكر الطعام وسكت كان للمكتري أن يزرع الطعام وما ضرره ضرر الطعام، ويكون تقدير الطعام تقديرا لضرر الانتفاع بالأرض التي تناولها العقد، وإن ذكر الطعام وما يقوم مقامه فهو تأكيد له كما لو قال: بعتك هذا على أن أسلمه إليك.
وإن شرط ألا يزرعها غير الطعام، فالشرط يسقط، وهل يبطل العقد أم لا؟
قيل فيه وجهان: أحدهما يبطل، لأنه شرط ما ينافي العقد وليس فيه مصلحة، والثاني لا يبطل، وهو الصحيح، لأنه إذا سقط هذا الشرط لم يعد إسقاطه بضرر عليهما ولا على أحدهما.
هذا قول جميع المخالفين، ويقوى في نفسي أنه إذا شرط أن يزرع طعاما لم يجز له أن يزرع غيره، وبه قال داود، وكذلك إذا اكترى دارا ليسكنها هو، لم يجز أن يسكنها غيره، وبه قال داود.
إذا اكترى أرضا للزراعة وأراد أن يزرعها زرعا ضرره أكثر من ضرر الزرع الذي سماه، وهو أن يكون قد أكراها ليزرع الطعام فأراد أن يزرعها قطنا أو دخنا أو كتانا أو ما أشبه ذلك، لم يجز، لأن هذه أضر بالأرض من الطعام.
فإذا ثبت هذا فإن للمكري أن يمنعه من ذلك، لأنه ضرر لم يتناوله عقد الإجارة، فإن خالف فزرع لم يخل: إما أن يكون المكري علم بذلك بعد أن أدرك الزرع واستحصد، أو قبل أن يدرك، فإن كان بعد أن أدرك واستحصد، قال قوم: لرب الأرض الخيار إن شاء أخذ الكري وما نقص الأرض كما ينقصها الطعام أو يأخذ منه كري مثلها، وقال آخرون: له أجرة المثل والأول أشبه بالصواب.
وكذلك إذا اكترى منزلا يسكنه فجعل فيه القصارين والحدادين فيقطع البناء، أو اكترى غرفة ليترك فيه ألف من قطنا فيترك فيه ألف من حديدا فانشقت، كل هذه المسائل فيها قولان: أحدهما - وهو الصحيح - أنه يأخذ