إذا أكراه أرضا على أن يزرعها ويغرسها ولم يعين مقدار كل واحد منهما لم يجز، وقال قوم: يجوز ويغرس نصفه ويزرع نصفه، والأول أقوى لأن ذلك مجهول لا يجوز العقد عليه.
إذا اكترى أرضا سنة ليغرسها جاز ذلك، لأنها منفعة مقدرة مقدور على تسليمها وله أن يغرس فيها ما لم تنقض المدة، فإذا انقضت المدة لم يجز له بعد ذلك أن يستأنف غراسا لأنه غير مأذون له فيه.
فأما الذي قد غرسها فهل يلزم قلعها؟ نظر: فإن كان شرط عليه قلعها بعد مضي المدة لزمه قلعها لأنه دخل في العقد راضيا لدخول هذا الضرر عليه، فإذا قلعها فليس عليه تسوية الأرض من الحفر، لأنه قلع مأذون له فيه، وإن لم يشرط عليه القلع لكن أطلق لم يجبر على القلع، لأن إطلاقه يقتضي التأبيد لأن الغراس يراد للتأبيد، ويرجع في ذلك إلى العرف.
فإذا ثبت أن له التبقية على ما يقتضيه العرف، فإن أراد قلعها كان ذلك له لأنه ملكه، وإذا قلعها فعليه تسوية الحفر لأنه غير مأذون له فيه - أي في ذلك القلع -، وإن لم يرد قلعها كان المكري بالخيار بين ثلاثة أشياء: بين أن يغرم له قيمتها ويجبر المكتري على أخذها، فيحصل له الأرض بغراسها، وبين أن يجبره على قلعها بشرط أن يغرم له أرش ما ينقص بالقلع، فيلزم ما بين قيمتها ثابتة وبين قيمتها مقلوعة، وبين أن يتركها ويطالب بالأجرة.
فأما إذا أراد أن يجبره على القلع من غير أن يغرم له شيئا فليس له ذلك، ومتى ما بقيناها في الأرض فباعها منه جاز، وإن باعها من غيره قيل فيه وجهان:
أحدهما يجوز وهو الأصح لأنه ملكه، والثاني لا يجوز لأن المكري يملك أن يزيل ملكه بغرامة القيمة، فملك المكتري غير مستقر عليه فلم يجز بيعه، وقال قوم: له أن يجبره على القلع من غير أن يغرم له شيئا.
إذا اكترى دارا أو أرضا مدة معلومة وكانت الإجارة صحيحة، ومضت المدة استقرت عليه الأجرة، استوفى تلك المنافع وانتفع بها أو لم ينتفع، وكذلك إن