انقضت المدة كان له أن يطالب بالقلع، لأن صاحب الأرض لم يأذن له في ذلك، فهو في معنى الغاصب، والغاصب إذا زرع الأرض المغصوبة كان لصاحبها أن يطالبه بالقلع.
فإذا ثبت ذلك، فإن قلعه فلا كلام، وإن اتفقا على التبقية بإعارة أو إجارة جاز، غير أن الإجارة لا تصح إلا بعد أن يقدر المدة، ولا يجوز أن يجعلاها إلى الحصاد لأنه مجهول، وإن زرع زرعا يبلغ في تلك المدة فقد استوفى حقه، وسلم الأرض مفرغة.
وإن كان قد اكترى للزراعة عن أول المدة وزرع بعد مضي مدة، وانقضت المدة والزرع لم يدرك بعد، كان له المطالبة بالقلع لأنه فرط في التأخير، والحكم في ذلك ما ذكرناه في المسألة الأولى، وهو إذا عدل إلى زرع لا يبلغ في ذلك الوقت، لأنه مفرط في أحد الموضعين، وعادل في الآخر.
وأما إذا لم يؤخر وزرع في أول وقته غير أنه تأخر ولم يدرك في الوقت المحدود لاضطراب الماء أو شدة البرد، فهل يجبر على القلع بعد مضيها؟ قيل فيه وجهان: أحدهما له ذلك، لأنه مفرط وكان من حقه أن يحتاط في تقدير المدة التي يبلغ في مثلها، والثاني لا يجبر على القلع لأن هذا التأخير ليس بسبب من جهته، وإنما هو من الله تعالى، وهو الأقوى، فعلى هذا له تبقيته إلى وقت الإدراك، وعليه أجرة المثل لتلك المدة، هذا إذا كانت الزراعة مطلقة.
فأما إذا كانت معينة لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون مثلها يبلغ في تلك المدة المقدرة أو لا يبلغ.
فإن كانت يبلغ مثلها في تلك المدة، قال قوم: إن بالتعيين لا يتعين عليه، لأنه إنما قصد تقدير المدة، وله أن ينتفع بالأرض بزراعة ما سماه وبغيره مما هو مثله في الضرر ودونه، والحكم في هذا القسم كالحكم في القسم الأول، وهو إذا كانت الزراعة مطلقة سواء في التأخير والمطالبة بالقلع وغيرهما.
وإن كان ذلك الزرع لا يقلع في مثل ذلك الوقت لم يخل من ثلاثة