أنهما أو واحد منهما قتله لم يحل أكله بحال.
فإن رميا صيدا فوجداه قتيلا واختلفا فقال أحدهما: أنا أثبته أولا وأنت رميته ثانيا فقتلته فعليك قيمته، وقال الآخر: بل أنا أثبته وملكه وأنت رميته فقتلته فعليك الضمان، تحالفا، ولا يحل أكله لأنهما قد اتفقا على أنه حرام.
ويتحالفان لأجل الضمان، يحلف كل واحد منهما لصاحبه ما أتلفه، ولا ضمان على واحد منهما، فإن حلف أحدهما ما أتلفه ولم يحلف الآخر رددنا اليمين على الحلف فيحلف أنه أثبته ويكون له.
فإن رماه كل واحد منهما فوجد ميتا فقال أحدهما: أنا أثبته وأنت قتلته فعليك الضمان، وقال الآخر: أنت ما أثبته لكنك جرحته وما عطلته عن الامتناع فرميته أنا فعطلته وأثبته، فالقول قول الثاني لأن الأصل الامتناع، فلا يزول بجرح الأول، فكان القول قول الثاني مع يمينه.
إذا رمى طائرا فجرحه فسقط على الأرض فوجد ميتا حل أكله، سواء مات قبل أن يسقط أو بعد ما يسقط أو لم يعلم وقت موته قبل سقوطه أو بعده، وقال بعضهم: إذا مات بعد ما سقط لم يحل أكله لأن سقوطه على الأرض قبل موته فقد أعانت السقطة على قتله فقد مات من مبيح وحاضر فغلبنا حكم الحظر كما لو سقط في الماء، وهذا أليق بمذهبنا.
فأما إن سقط عن الإصابة في ماء أو تردى من جبل أو وقع على شجرة فتردى منها إلى الأرض لم يحل أكله لقوله تعالى: " والمنخنقة والموقوذة والمتردية " فما وقع في الماء فالماء يخنقه وما وقع عن الجبل ثم تردى فهي المتردية، هذا إذا كان الجرح غير موجئ.
فأما إن كان الجرح قاتلا موجئا مثل أن وقع السلاح في حلقه فذبحه، أو في قلبه أو كبده فقتله، حل أكله بكل حال، لأنه صار مذكى، فلا يقدح فيه ما وراء ذلك، كما لو ذبح شاة ثم وقعت في الماء فماتت فيه فإنه يحل أكلها.
الثاني: إذا رمى صيدا فقتله أو جرحه، فمات من ذلك نظرت: فإن كان مما