ذلك؟ وما هو الفرق بين الضرورة والضرورة؟ وهل الضرورة المبيحة اليوم في جو الإسلام الحاضر أشد وأعظم أو في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) والنصف الأول من عهد الراشدين؟ وقد أظل الفقر العام على بلاد المسلمين، وقد مصت حكومات الإستعمار والدول القاهرة المستعلية والفراعنة من أولياء أمور المسلمين كل لبن في ضرعهم، وحصدوا الرطب من زرعهم واليابس، وقد ظهرت الشهوات من مظاهرها، وازينت بأحسن زينتها وأجملها، ودعت إلى اقترافها بأبلغ دعوتها، ولا يزال الأمر يشتد والبلية تعم البلاد والنفوس، وشاعت الفحشاء بين طبقات الشباب من المتعلمين والجنود وعمال المعامل، وهم الذين يكونون المعظم من سواد الإنسانية ونفوس المعمورة. ولا يشك شاك ولن يشك في أن الضرورة الموقعة لهم في فحشاء الزنى واللواط وكل انخلاع شهواني عمدتها العجز من تهيئة نفقة البيت، والمشاغل المؤقتة المؤجلة المانعة من إتخاذ المنزل والنكاح الدائم بغربة أو خدمة أو دراسة ونحو ذلك. فما بال هذه الضرورات تبيح في صدر الإسلام - (وهي أقل وأهون عند القياس) - نكاح المتعة لكنها لا تقوم للإباحة في غير ذلك العهد وقد أحاطت البلية وعظمت الفتنة؟ (1).
ج - ذكر الضرورة موجود في كتب السنة في روايتين: إحداهما عن الخليفة، والثانية عن ابن عباس في قوله: والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير.
فسبب الضرورة في الروايتين هما: الفقر (في رواية عمر) وما يجوز به من أكل الميتة والدم و... (في رواية ابن عباس) هنا يطرح هذا السؤال: فإذا كانت المتعة منسوخة بالقرآن والسنة (كما يقول علماء السنة) وأنها زنى (كما قال آخرون) أو أنها كانت مجهولة عند الخليفة (قوله: بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح) ولذلك