الفلسفة الحقيقية للمهر إن مشاعر المرأة والرجل تجاه بعضهما ليست متشابهة، فقانون الخلقة قد منح المرأة الجمال والغرور والاستغناء، ومنح الرجل الاحتياج والطلب والعشق والتغزل، فعودل ضعف المرأة في مقابل الرجل بهذه الطريقة، ولهذا يذهب لخطبة المرأة وينافس الذكور من أجل صحبة الإناث، وتقع الحروب والمنازعات بين الرجال، لأن جنس الذكر اقترن بدور الطالب. وقد أدركت المرأة بالهام فطري أن عزتها واحترامها يقتضيان بان لا تسلم نفسها للرجل مجانا، وقد أدى ذلك مع ضعفها الجسمي إلى جر الرجل لساحتها خاطبا ولأجل رضاها تتسلم من الرجل هدية دليلا على الصداقة. إن للمرأة تأثيرا على الرجل أكثر منه على المرأة، فالرجل في كثير من فنونه وشجاعته وإقداماته ونبوغه وشخصيته مدين للمرأة، وان التمنع الظريف لها مدين لحيائها وعفافها. المرأة دائما تصنع الرجل والرجل دائما يصنع المجتمع، وإذا ذهب حياؤها وعفافها و.... وبادرت إلى ممارسة دور الرجل فإنه ينتفي دورها وينسى الرجل رجولته فينهدم المجتمع في النهاية. هذه القدرة هي التي حفظت للمرأة شخصيتها طوال التاريخ وصانتها من الركض وراء الرجل، بل دفعت الرجال إلى التنافس والتخاصم من أجلها إلى حد الاقتتال، وهي جعلت شعارها الحياء والعفاف وسترت جسدها عن عيني الرجل وجعلت منها شخصية محفوفة بالأسرار، ملهمة الرجل منبع العشق والفن والشجاعة والنبوغ وهي التي جعلت الرجل يقدم لها عند الزواج هدية باسم المهر. والمهر مادة في قانون عام صبت في أساس الخلقة وهيئت بيد الفطرة، وحتى في العلاقات غير المشروعة، الرجل هو الذي يقدم الهدية للمرأة والعكس يعتبر إهانة. المهر هو وسيلة من الوسائل التي تثبت لنا أن المرأة والرجل خلقا باستعدادات متفاوتة، وقد منح قانون الخلفة لكل منهما مسندا خاصا من حيث الحقوق الفطرية والطبيعية.
(٢٥٢)