والله إن من سمع هذا الخبر ثم عارض أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكلام أحد ولو أنه كلام أمي المؤمنين حفصة وعائشة وأبويهما (رض) لهالك! فكيف بأكذوبات كنسيج العنكبوت الذي هو أوهن البيوت عن الحارث بن بلال و.... الذين لا يدرى من هم في الخلق!
وليس لأحد أن يقتصر بقوله (عليه السلام): دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، على أنه أراد جوازها في أشهر الحج، دون ما بينه جابر وابن عباس من إنكاره (عليه السلام) أن يكون الفسخ لهم خاصة أو لعامهم دون ذلك، ومن فعل ذلك فقد كذب على رسول الله جهارا.
وقال أيضا: وأتى بعضهم بطامة، وهي أنه ذكر الخبر الثابت عن ابن عباس أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض فقال قائلهم: إنما أمرهم بذلك ليوقفهم على جواز العمرة في أشهر الحج قولا وعملا. وهذه عظيمة أول ذلك أنه كذب على النبي (صلى الله عليه وآله) في دعواهم: أنما أمرهم بفسخ الحج في عمرة ليعلمهم جواز العمرة في أشهر الحج، ثم يقال لهم: هبك لو كان ذلك ومعاذ الله من أن يكون أبحق أمر أم بباطل؟ فان قالوا: بباطل، كفروا، وإن قالوا: بحق، قلنا: فليكن أمره (عليه السلام) بذلك لأي وجه كان فإنه قد صار بعد ما أمر حقا واجبا. ثم لو كان هذا الهوس الذي قالوا فلأي معنى كان يخص بذلك من لم يسق الهدي دون من ساق؟
وأطم من هذا كله أن هذا الجاهل القائل بذلك قد علم أن النبي (صلى الله عليه وآله) اعتمر بهم في ذي القعدة عاما بعد عام قبل الفتح، ثم اعتمر في ذي القعدة عام الفتح ثم قال لهم في حجة الوداع: في ذي الحليفة من شاء منكم أن يهل بعمرة فليفعل ومن شاء أن يهل بحج وعمره فليفعل ومن شاء أن يحل بحج فليفعل (1). ففعلوا كل ذلك، فيالله