وقام اليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك وبما نعتذر الى اللَّه في اداء حقك؟ اما واللَّه حتى أطعن في صدورهم برمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، واللَّه لا نخليك حتى يعلم اللَّه انا قد حفظنا غيبة رسوله فيك، أما واللَّه لو قد علمت أني أقتل، ثم أحيى، ثم أحرق ثم أحيى، ثم أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً.
وقام زهير بن القين رحمة اللَّه عليه فقال: واللَّه لوددت أني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت حتى أقتل هكذا ألف مرة، وأن اللَّه عزّوجل يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك. وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد. فجزاهم الحسين عليه السّلام خيراً، وانصرف إلى مضربه.
وقال علي بن الحسين عليهما السلام: «اني جالسٌ في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني، إذا اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول:
يا دهر أفّ لك من خليل | كم لك بالإشراق والأصيل | |
من صاحب أو طالب قتيل | والدهر لا يقنع بالبديل | |
وانما الأمر الى الجليل | وكلّ حيٍّ سالك سبيلي |
فأعادها مرتين أو ثلاثاً حتى فهمتها، وعرفت ما أراد، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد نزل، وأما عمتي فانها سمعت ما