فلما قام أخوه الحسين عليه السّلام بنصرهم وأجابة سؤلهم وترك المصالحة ليزيد المارق، كانوا بين قاتل وخاذل حتى ما عرفنا أنهم غضبوا في أيام يزيد لذلك القتل الشنيع ولا خرجوا عليه ولا عزلوه عن ولايته، وغضبوا لعبد اللَّه بن الزبير وساعدوه على ضلالته وافتضحوا بهذه المناقضة الهائلة وظهر سوء اختياراتهم النازلة، فهل يستبعد من هؤلاء ضلال عن الصراط المستقيم وقد بلغوا إلى هذا الحال السقيم العظيم الذميم» «1».
وقال أيضاً: «ان مولانا الحسن بن علي عليهما السّلام والأئمة من أهل البيت عليهم السلام كانوا يريدون الخلافة كما أمرهم اللَّه جل جلاله، وعلى الوجه الذي يختارها لهم، ومعاوية وزياد كانوا يريدونها بالمغالبة، قال: حدثنا صدقة الصنعاني عن رياح بن زيد عن معمر بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس، قال: لما أصيب علي عليه السّلام وبايع الناس الحسن عليه السّلام قال لي زياد: أتريد أن يستقيم الأمر؟ قال: قلت: نعم، قال: فاقتل فلاناً وفلاناً ثلاثة من اصحابه قال: قلت:
اليس قد صلوا صلاة الغداة؟ قال: بلى، قال: قلت: فلا واللَّه ما إلى ذلك سبيل» «2».
أقول: وعلى هذا يتبين أن ما صدر من أصحابه من اللوم والإعتراض تجاه صلحه مع معاوية كان عن غفلة من هؤلاء بحقيقة الأمر، وعدم إحاطتهم بالمصالح الأصلية التي كان الإمام يرمي إلى تحقيقها ورعايتها، فان حرصهم على نصرة الإمام عليه السّلام وتألمهم مما كانوا يشاهدون من انصراف الحق إلى غير الصراط السوي، كان يدفعهم إلى الإعتراض عليه في حين عشت عيون بعض المسلمين عن رؤية الحق والتمييز بينه وبين الباطل فاتخذوا من الإمام موقف المعاند، والنظرة