الأعذار فيما بيني وبين اللَّه عزّوجل في أمرك ولك في ذلك ان فعلته الحظّ الجسيم والصلاح للمسلمين، فدع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فانك تعلم اني أحقّ بهذا الأمر منك، وعند اللَّه وعند كل أوّاب حفيظ من له قلب منيب، واتق اللَّه ودع البغي واحقن دماء المسلمين فواللَّه مالك خيرٌ في أن تلقى اللَّه من دمائهم بأكثر ممّا أنت لا قيه به، وادخل في السلم والطاعة ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك، ليطفي ء اللَّه النائرة بذلك ويجمع الكلمة ويصلح ذات البين، وان أنت أبيت الّا التمادي في غيك سرت اليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم اللَّه بيننا وهو خير الحاكمين.
فكتب معاوية إليه: من عبداللَّه معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي، سلام عليك، فاني أحمد اللَّه الذي لا اله إلّاهو، أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به محمّداً رسول اللَّه من الفضل وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه وصغيره وكبيره، وقد واللَّه بلغ وأدّى ونصح وهدى حتى أنقذ اللَّه به من الهلكة وأنار به من العمى وهدى به من الجهالة والضلالة، فجزاه اللَّه أفضل ما جزى نبياً عن أمته وصلوات اللَّه عليه يوم ولد ويوم بعث ويوم قبض ويوم يبعث حياً، وذكرت وفاة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وتنازع المسلمين الأمر بعده وتغلبهم على أبيك، فصرحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وأبي عبيدة الأمين وحواري رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وصلحاء المهاجرين والأنصار فكرهت ذلك لك، انك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين ولا المسي ء ولا اللئيم وأنا أحب لك القول السديد والذكر الجميل، ان هذه الأمة لما اختلفت بينها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من نبيّكم ولا مكانكم في الإسلام وأهله، فرأت الأمة ان تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ورأى صلحاء