بعث محمّداً رحمة للعالمين ومنة للمؤمنين وكافة للناس أجمعين «لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ» فبلغ رسالات اللَّه وقام بأمر اللَّه حتى توفاه اللَّه غير مقصر، ولا وانٍ، وبعد أن أظهر اللَّه به الحق ومحق به الشرك وخص به قريشاً خاصة فقال له: «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ» فلما توفي تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمّد وحقه، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش وأن الحجة في ذلك لهم على من نازعهم أمر محمّد فأنعمت لهم وسلمت اليهم، ثم حاججنا نحن قريشاً بمثل ما حاججت به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها، انهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانصاف والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمّد وأولياءه إلى محاجتهم وطلب النصف منهم باعدونا واستولوا بالإجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا فالموعد اللَّه وهو الولي النصير، ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا وان كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزاً يثلمونه به أو يكون لهم بذلك سبب الى ما أرادوا من افساده، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب وابن أعدى قريش لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لكتابه، واللَّه حسيبك، فسترد وتعلم لمن عقبى الدار، وباللَّه لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينّك بما قدمت يداك وما اللَّه بظلام للعبيد.
ان علياً لما مضى لسبيله رحمة اللَّه عليه يوم قبض ويوم منّ اللَّه عليه بالإسلام ويوم يبعث حياً، ولّاني المسلمون الأمر بعده فاسأل اللَّه أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئاً ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامة، وانما حملني على الكتابة اليك