الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاماً وأعلمها باللَّه وأحبها له وأقواها على أمر اللَّه، فاختاروا أبا بكر وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل والناظرين للُامة، فاوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة ولم يكونوا متهمين ولا فيما أتوا بالمخطئين، ولو رأى المسلمون أن فيكم من يغني غناءه ويقوم مقامه ويذب عن حريم الإسلام ذبّه ما عدلوا بالأمر إلى غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحاً للإسلام وأهله واللَّه يجزيهم عن الإسلام وأهله خيراً، وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد وفاة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، فلو علمت أنك اضبط مني للرعية وأحوط على هذه الأمة وأحسن سياسة وأقوى على جمع الأموال وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ورأيتك لذلك أهلًا، ولكن قد علمت أني أطول منك ولاية وأقدم منك بهذه الأمة تجربة وأكبر منك سناً، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما يبلغ تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة ولا تقضى دونك الأمور ولا تعصى في أمر أردت به طاعة اللَّه، أعاننا اللَّه واياك على طاعته انه سميع مجيب الدعاء، والسلام» «١».
قال أبو الفرج: «وكتب معاوية الى الحسن بن علي: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: أما بعد فان اللَّه عزّوجل يفعل في عباده ما يشاء«لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ