بغض قريش له، فواللَّه ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في اللَّه حين أظهر اللَّه دينه فقصم أقرانها وكسر آلهتها وأثكل نساءها لامه من لامه، وأما صغر سنه، فقد علمت أن اللَّه تعالى حيث أنزل عليه «بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ» فوجّه النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم صاحبه ليبلغ عنه، فأمره اللَّه أن لا يبلّغ عنه إلّارجل من أهله فوجهه به، فهل استصغر اللَّه سنه؟ فقال عمر لابن عباس: أمسك عليّ واكتم، فان سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها» «1».
قال إبن عباس: «إني لأماشي عمر في سكة من سكك المدينة، يده في يدي فقال: يا ابن عباس، ما أظن صاحبك إلّامظلوماً، فقلت في نفسي: واللَّه لا يسبقني بها، فقلت: يا أمير المؤمنين، فاردد إليه ظلامته، فانتزع يده من يدي، ثم مريهمهم ساعة، ثم وقف، فلحقته فقال لي: يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلّا أنهم استصغروه، فقلت في نفسي: هذه شرٌ من الأولى فقلت: واللَّه ما استصغره اللَّه حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر فيقرأها على الناس، فسكت» «2».
وقال: «مرّ عمر بعلي وأنا معه بفناء داره فسلّم عليه فقال له علي: أين تريد؟ قال: البقيع قال: أفلا تصل صاحبك، ويقوم معك؟ قال: بلى فقال لي علي:
قم معه، فقمت فمشيت إلى جانبه، فشبك أصابعه في أصابعي، ومشينا قليلًا، حتى إذا خلّفنا البقيع قال لي: يا ابن عباس، أما واللَّه ان صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، إلّاأنا خفناه على اثنين، قال ابن عباس:
فجاء بكلام لم أجد بداً من مساءلته عنه، فقلت: ما هما يا أمير المؤمنين قال: خفناه