جعفر بن محمد عليه السلام وقف مستترا في خفية، يشاهد المحامل التي حمل عليها عبد الله ابن الحسن وأهله في القيود والحديد من المدينة إلى العراق، فلما مروا به بكى، وقال: ما وفت الأنصار ولا أبناء الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله، بايعهم على أن يمعنوا محمدا وأبناءه وأهله وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وأبناءهم وأهلهم وذراريهم فلم يفوا. اللهم اشدد وطأتك على الأنصار قال أبو بكر: وحدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن الحكم قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن ليث بن سعد، قال: تخلف على عن بيعة أبى بكر، فأخرج ملببا (1) يمضى به ركضا، وهو يقول: معاشر المسلمين، علام تضرب عنق رجل من المسلمين، لم يتخلف لخلاف، وإنما تخلف لحاجة! فما مر بمجلس من المجالس إلا يقال له: انطلق فبايع قال أبو بكر: وحدثنا علي بن جرير الطائي، قال: حدثنا ابن فضل، عن الأجلح، عن حبيب بن ثعلبه بن يزيد، قال: سمعت عليا يقول: أما ورب السماء والأرض، ثلاثا، إنه لعهد النبي الأمي إلى: (لتغدرن بك الأمة من بعدي).
قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة بإسناد رفعه إلى ابن عباس، قال: إني لأماشي عمر في سكة من سكك المدينة، يده في يدي، فقال: يا بن عباس، ما أظن صاحبك إلا مظلوما، فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها، فقلت: يا أمير المؤمنين، فاردد [إليه ظلامته. فانتزع يده من يدي، ثم مر يهمهم ساعة ثم وقف، فلحقته فقال لي: يا بن عباس، ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا أنهم استصغروه، فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى، فقلت: والله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبى بكر.
* * *