قال العلامة الحلي: «أجمعت الإثنا عشرية بأن نصب الإمامة لطف، واللطف واجب فالإمامة واجبة، بيان الصغرى: أنا نعلم بالضرورة أن الناس متى كان لهم رئيس قاهر يمنعهم من المحرمات ويزجرهم عنها ويأمرهم بالواجبات ويرغبهم فيها، كانوا من الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، وأما الكبرى فلأن اللطف كالتمكين، فان من دعا غيره إلى طعام وعلم أنه لا يجيبه إلّا إذا فعل معه نوعاً من التأدب فلو لم يفعله كان ناقضاً لغرضه.
واحتجوا على أن طريق معرفته النص الجلي خاصة، بأن الإمام يجب أن يكون معصوماً من الصغائر والكبائر، وإلا لزم التسلسل، لأن المقتضي للحاجة إلى الإمام جواز الخطأ على الأمة، فلو جاز الخطأ عليه افتقر إلى إمام آخر وحافظ للشرع، ولأنه لو ارتكب الخطأ وجب الإنكار عليه فيسقط محله من القلوب، ولأنه إن لم يجب اتباعه فيه انتفت فايدة نصبه، وإلا لزم وجوب الحرام. والعصمة من الأمور الباطنة التي لا يعلمها إلّااللَّه تعالى، فلا طريق إلى معرفة الإمام سوى النص منه.
وأما الجمهور فلم يشترطوا العصمة، لأن أبا بكر كان إماماً ولم يكن معصوماً، بل ولم يشترطوا عصمة الأنبياء وجعلوا طريقة الإمامة هو البيعة من أهل الحل والعقد، لانتفاء الوجوب على اللَّه تعالى فيجب على الخلق، ومنعت الامامية من ذلك لأن أبا بكر لم يكن عندهم إماماً فلا يحتج عليهم في عدم اعتبار العصمة بإمامته، والبيعة ليست طريقاً للإمامة لعدم العلم بالمعصوم إلّامن قبله تعالى، ولأن الإمام نائب للَّه تعالى ولرسوله ونيابة الغير إنما تحصل بإذنه فلا تثبت الإمامة إلّابنص من اللَّه تعالى ورسوله، ولأن الإمام أعلم الخلق وأفضلهم وأزهدهم، لامتناع المساواة وإلا لزم الترجيح من غير مرجح، والنقصان لامتناع