على عباده وشاهده على خلقه «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» «١» فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه، أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ تعدّوا وبيت اللَّه الحق ونبذوا كتاب اللَّه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب اللَّه الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا أهواءهم فذمّهم اللَّه ومقتهم وأتعسهم، فقال جل وتعالى: «وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» «٢» وقال: «فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ» «٣» وقال: «كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ» «4» وصلى اللَّه على النبي محمّد وآله وسلّم تسليماً كثيراً» «5».
قال القندوزي: «وفي عيون الأخبار عن أبي الصلت الهروي قال الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم: الإمام وحيد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل، ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له، ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة حقيقة الإمام؟ ويمكنه اختياره؟ هيهات، ضلت العقول وتاهت الحلوم وتصاغرت العظماء وتقاصرت الحكماء وعميت البلغاء عن وصف شأن من شؤونه أو فضيلة من فضائله، كيف يوصف أو ينعت بكنهه، أو يفهم شي ء من أمره؟ فأين الاختيار من هذا؟ وأين إدراك العقول من هذا واين يوجد مثل هذا «6».