كما يعكس ذلك الخواء وغذائية المقيئ ومشاكلته وبهذا يظهر أن انقلاب المسهل مقيئا ليس محصورا في البشاعة كما أن معاصاته ليست محصورة في السدد، وقد يعطى المسهل للاختبار فان خرج الخلط صحيحا أو ضعفت القوى في مباديه فخطأ يجب قطعه ولا كذلك الفصد كما ظن إذ ليس بين خروجه خالصا والاحتياج إلى الفصد منفصلة حقيقية لجواز زيادته كما. والمسهلات إما بالطبع كالغاريقون للبلغم أو بالخاصية كالسقمونيا في الصفراء وكذا الحال مع الأعضاء كشحم الحنظل للدماغ وفعلها إلهي لا بالمشاكلة ولا الجذب لتخلفه فيما شأنه ذلك وهل إذا لم يفعل الدواء فعله يكثر الخلط المناسب له في البدن أم لا صرح جالينوس بالأول ورده بأنه ليس غذائيا ولا غذاء فكيف يولد خلطا وإنما نشء الكثرة حينئذ من تحريك الدواء وصوب بعض شراح الموجز قول جالينوس بأن الدواء يولد الخلط لكن بالعرض كأن تضعف المعدة عن هضم الغذاء فيولد خلطا فاسدا وهو كلام جيد لكن الأوجه عندي في هذه المسألة النظر في المتناول فإن كان دواء محضا كالسقمونيا فالصحيح عدم التوليد وإلا صح في الصور الخمسة كماء الشعير مثلا وقد مر تقسيم الثلاثة في قواعد الباب وقوانين الكتاب. وأما ما يجب للدواء المسهل فالحمام قبله بالدهن والدلك للتحليل والتفتيح المفضيين إلى المساعدة وكذا أخذ المناضج في البلاد الباردة وذوي الاخلاط اليابسة والثقل لئلا يتعاطى الدواء وكذا تناول المرق وقلة الخبز وهجر اليابسات والقلايا ويتعين الحمام أيضا بعد انقطاع الدواء لتحليل ما اندفع إلى سطح الجلد ويمنع الاكل يوم أخذه قبل استيفاء فعله إلا ما أعان بالذات كزبيب أو رمان أو بالعرض كالسفرجل كذا قالوه وفى الرمان نظر من تنفيذه فيساعد ومن سرعة استحالته في غير وقت الدواء فما ظنك به. وأما النوم فيمتنع على الدواء الضعيف مطلقا والقوى بعد شروعه في العمل خاصة هذا كله في الأصل أما عند الطوارئ كالحاجة إلى المسهل في شدة البرد فقد تدعو الحاجة إلى استعمال الثلاثة كالتحليل بمرق اللحم الحار والتدثر اليسير ليوجه النوم الحرارة إلى الانضاج وكذا الحمام لكن يمكث في البيت الأول ريثما يعمل الدواء ثم يخرج لئلا يقطعه بجذبه وأن يحتال من يعاف الدواء من جهة الطعم على تنقيص الذوق بنحو مضغ الطرخون وورق العناب والطحينة ومن جهة ريحه بسد الانف وشم ما يقبض كالبصل أو ما ينعش كالتفاح وغسل الفم بماء الورد ومن أحس بمغص فليشرب جرعات من الماء الحار مع المشي اليسير والأولى كون المشروب الحار بالعرض مع تحليله منعشا كالمسلوقة المستعملة الآن لكن من كان تداويه من مرض حار فليأخذ قبل الغذاء حين يأخذ البدن في الانحطاط وإن لم ينقطع الدواء سقى المحرور بزر القطونا بالسكر أو شراب البنفسج والتفاح والمعتدل بزر الريحان والمبرود والانيسون مع بزر المرو وإن كان بماء العسل فأجود لما فيه من تحريك الدواء. واعلم أن غاية ما يتوقع فيه فعل الدواء المسهل القوى ساعة زمانية في المحرور وضعفها في المبرود مع توفر المساعدة في الجانبين ونهاية اليابس مائة وثمانون درجة وقد أجمعوا على أن الأولى إذا لم يعمل المسهل أن يسكن لئلا يهيج الاخلاط فإن لم يمكن فليحرك بعرضى قابض يسهل بالعصر كالسفرجل أو بالقتل والحقن اللطيفة لا بمسهل آخر لعدم جواز الجمع بين نوعى الاستفراغ وأنا لا أقول بذلك مطلقا بل الأولى النظر في وقوف الدواء إن كان لخلل في تركيبه أو فساد في أجزائه كقدم مثلا فلا عبرة به بل يصلح ماله غائلة منه ويعطى غيره أو كانت الممانعة لسدد حللت بالأمراض الحارة وعلامة الأول عدم التغير والثاني المغص وإن لم يكن شأن الدواء ذلك وقد تدعو الحاجة إلى الفصد عند وضوح العلامات، وأما إفراطه فقد قالوا فيه أيضا قولا مطلقا بأنه يقطع بربط الأطراف والتعريق وأخذ القابض المنعش كماء الورد والتفاح والصندل
(١٦)