يوما فلا أقل ولا أكثر وما بعده بحسب المذكورات وهذا هو الطور الخامس المصروف نظره إلى الزهرة ومنه تدخل نوبة عطارد والطور السادس فتنتسج فيه العروق بعروق الام ويجتذب الغذاء ويكتسى اللحم إلى خمس وسبعين يوما فيتحول خلقا آخر في تمام الأطوار مغايرا لما سبق وتمتلئ تجاويفه بالغريزية وتظهر فيه الغاذية بل النامية الطبيعية وهنا يكون كالنبات إلى نحو المائة ثم يكون كالحيوان النائم إلى عشرين بعدها فتنفخ فيه الروح الحقيقية، وبما قررناه يرتفع الخلاف المشهور بين الفلاسفة حيث حكموا بنفخ الروح في رأس سبعين يوما وبين صاحب الشرع عليه أفضل الصلاة والسلام حيث قال (إن خلق أحدكم ليجمع في بطن أمه فيكون نطفة أربعين يوما ثم علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم تنفخ فيه الروح) لانهم اعتدوا بالروح الطبيعية وهى حاصلة للنبات وهو عليه الصلاة والسلام لم يسم روحا إلا التي تستقل بها الانسانية فافهم ذلك ثم يبدأ الوحام من تمام التخلق لاحتراق الدم حريفا فيدغدغ وتدبير صحتها حينئذ بشرب السكنجبين وأخذ ما يولد الدم إن كانت مهزولة وإلا فالأولى تقليل الرطوبات لئلا تنزلق النطفة قبل استثباتها وينبغي أخذ ما اشتهته فان تركه يؤثر في المولود قال المعلم وتستمر نوبة الوحام إلى الشهر الرابع ثم يضعف قليلا ويعود في الشهر الخامس حين ينبت الشعر في رأس المولود فتتأذى به الأغشية حتى تعتاده ومن هنا تلزمها الراحة وقلة الرياضة والنزول من عال وترك نحو الوثبة والصيحة والرقص والجماع وتقتصر في أمراضها على القئ وأخذ الجلنجبين وفى الحارة السكنجبين ونحو معجون المسك إن أصابها مزعج فإذا دخل الشهر السابع فان وقعت فيه الولادة كانت طبيعية وعاش الجنين لأنه دور القمر وهو كما عرفت في الاحكام شكل سعيد له الحركات والنقلة فإن لم تلد ودخل الثامن فان ولدت فيه لم يعش لأنه نوبة زحل تجف فيه المادة وتنقل الحركات وإن استمرت فينبغي أن تستعمل الأغذية الجافة أوله وتترك الحمام والادهان حتى يدخل التاسع فهو بيت النقلة والحركات السعيدة لتدبير المشترى كما مر في الاحكام وفيه يجب عليها شرب الأمراق الدهنة وكل مرطب مزلق كالألبان وتغسل بطنها بالحلبة والأشنان وتدهن بنحو دهن البنفسج واللوز لما في ذلك من تسهيل الولادة وهل يمكن الزيادة على التاسع قال جالينوس نعم يجوز أن يمتد شهرا آخر وأنكر الكل ذلك لما سبق في الاحكام وما سيأتي في النجوم والفلك.
إذا عرفت ذلك فالكلام على الحمل يكون من وجوه: أحدها طلبه فإن كان اجتماعه من جهة الذكور فهو المترجم بالعقم والإناث فالعقر، وامتناع الحبل إن كان جبليا فلا علاج له ويعلم الجبلي بسقوط الشهوة في الذكور والإناث ونقص الخلقة وضعف الأحشاء وعدم الحيض فان ورد كان رقيقا باردا عادما للصفات السابقة وتبديل الأزواج لاختلاف الماء ويعلم بسنة لمرور الطبائع الأربع وسيأتى ما يختص بالذكور في العقم وإن كان طارئا فهو الذي يطلب علاجه وقانونه النظر فيما تقدم من الأسباب المانعة فتزال ويجلب الطمث على وجهه المطلوب وينقى البدن فإذا وثق بالصحة عدلت كيفيات مسقط النطفة فإن لم يقع الحمل وجب النظر في أمر الذكر فإذا تطابق النوعان لزم الانتاج وجوبا أو توليدا أو عاديا كما في مواضعه وذلك التعديل بإزالة الغالب من أحد الكيفيات، ويعلم البارد بجمود الطمث ورقته للسدد وقلته وبرد الأعضاء خصوصا الرحم وقلة الشعر لعدم الأبخرة وإحساس المجامع بالبرد وعدم الجذب واليابس بالجفاف والحر بعكس البارد والرطب واليابس والهزال من لوازم الحر واليبس وهذه الأحكام عامة في الذكور والإناث وقد يكون الامتناع لاندفاع أخلاط مفرطة في الكم أو فاسدة في الكيف أو لسمن يضغط فم الرحم فلا يصل إليه الماء وكل ذلك معلوم بعلاماته وقد يكون لآفة في نفس العضو كباسور أو لتواتر رطوبة تزلق فلا ينعقد الماء كالحب في الأرض النازة أو لغلظ يمنعه من التمدد والتشكل