ثم قال - دام ظله - إن هذه القاعدة ليست من القواعد الشرعية حتى يدعى انصرافها في صورة كون الامتناع تكوينيا، بل هي قاعدة عقلية وملاكها العام يشمل الامتناعين: التكويني كما في الحج، والتشريعي كما فيما نحن فيه، فالتصرف بالخروج مما لا بد منه، لأن مع تركه يبتلي بالمحرم الأشد، وهو البقاء.
وما قاله من الأمثلة لا ينطبق على ما نحن فيه، لأن الأمر هناك يدور مدار الجامع بين المحرم والمباح، وهنا يكون الجامع بين المحرمين، فمقتضى القاعدة على هذا صحة العقوبة، ويكون المورد من مواردها، كما لا يخفى.
أقول:
أولا: لم يظهر وجه لما قاله وحكاه من أنه اختار جريانها فيما إذا كان الملاك تاما، وكان قصور الخطاب لأجل العجز الطارئ من سوء سريرة العبد، فإنه مما لا شبهة فيه، ولكن لا ربط له بالمقام.
وثانيا: هذه القاعدة من القواعد الكلامية المحررة في محله (1)، لتصحيح عقوبة العباد إذا أوقعوا أنفسهم في مخالفة المولى عن علم وعمد، من غير نظر إلى مسألة صحة الخطاب وعدمها، ولا ربط بين المسألتين، بل مقتضى ما تحرر منا في محله (2) صحة الخطاب إليه،