على آخر عرق من عروق تلك الكبرياء، فاقتلعتها من محلها، وسقت مكانها بذرة، بذرة الطاعة والولاء، فانتفضت، مكبلا أطلق لتوه، خفيف الحمل كطائر صغير، مستبشرا كضائع أشرف فجأة على أحبته وذويه.. وأفقت مطمئنا في أوسط سفينة النجاة، أنهل من منهلها العذب الصافي، وها أنا أحدثك من ظلال ربيعها الزاهر.
وما أن رأوا مني هذا، حتى هجرني من كان يحبني، وجفاني من كان يقول في أني من أهل قوله تعالى: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا﴾ (1)!
وليس لهم حجة فيما حملوه إلا الذي كان يخالطني من تلك النفس المعاندة.
ولقد حاورني أحدهم، ولعله من أفضلهم، فقال: أتدري ماذا فعلت أنت؟!
قلت: نعم، لقد أخذت بمذهب الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن زين العابدين ابن سيد شباب أهل الجنة ابن سيد الوصيين، وسيدة نساء العالمين، وابن سيد المرسلين.
فقال: ولماذا تركتنا هكذا، والناس تقول فينا ما تقول؟
قلت: لأني اتبعت ما يقول الله ورسوله.
قال: أي قول تعني؟
قلت: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ".
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم أنهم سفن النجاة التي من ركبها نجا.
فقال وكأنه يقاطعني: ومن تخلف عنه غرق؟ أتعني كلنا غرقى؟!