وتقدم الحديث في غضبه صلى الله عليه وآله وسلم على من طعن في إمرة أسامة.
أفإن غضبنا لغضبه صلى الله عليه وآله وسلم هنا وحفظنا كرامة أسامة وأبيه، سنكون قد أخطأنا حين لم نوافق من طعن عليهما من الصحابة؟
فإن أخطأنا، فكفانا أننا مع رسول الله، وحاشاه أن يخالطه الخطأ.
وإن أصبنا هنا، فما لنا لا نكون قد أصبنا حين نغضب لمن هو أعظم منزلة من زيد، ومن أسامة؟!
أعني: عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام.
قال سعد بن أبي وقاص: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: " ما لكم وما لي؟! من آذى عليا فقد آذاني " (1).
ثم ألم نقرأ في (شكوى الأربعة) و (شكوى بريدة) كيف غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يشكون إليه عليا، فرد عليهم - أرواحنا فداه - فقال: " ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! إنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي "؟
ولئن كان أسامة قد تعرض لطعن في إمارته وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة، فأثار ذلك من غضبه صلى الله عليه وآله وسلم ما أخرجه مع شدة مرضه، عاصبا رأسه، يتهادى بين رجلين (2) ورجلاه تخطان في الأرض، حتى قال مقالته الشهيرة تلك، فأي غضب سيغضب إذن لما أصاب أخيه، ووصيه، ووزيره، وخليفته الذي صرح بولايته، فشهدوا له وهنؤوه؟
.