ويجمع الروايتين جميعا ما رواه عن أبي بكر الأنباري في " أماليه " أن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد، وعنده ناس، فلما قام نسبه أحدهم إلى التيه والعجب! فقال له عمر: حق لمثله أن يتيه! والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شرفها.
فقال له ذلك القائل: فما منعكم عنه، يا أمير المؤمنين؟
قال: كرهناه على حداثة السن، وحبه بني عبد المطلب (1)!
فليتهم عرفوا: هل بلغوا العذر عند الله ورسوله بما اعتذروا، بعدما علموا من منزلته، وبعد أن أيقنوا أنه الأولى بلا منازع؟
فهو: ذو سابقتها، وذو شرفها، ولولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وبعد فهو أقضى هذه الأمة!
وهو عليه السلام القائل: " لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ".
حتى إذا علموا أنه صلى الله عليه وآله وسلم سيكتب له كتابا في مرضه الأخير لا يمكن بعد نقضه، رفعوا أصواتهم فوق صوته، وقالوا: إنه يهجر!
حسبنا كتاب الله!!
والله إنها لكارثة لست أدري كيف نستطيع أن نغضي عندها أسماعنا!!
أم كيف نغفل مدى غضب رسول الله، وغضب الله عندها!!
أليس من حقنا - بل الواجب الذي يمليه إيماننا بالله ورسوله ودينه علينا - أن نغضب لغضب رسول الله؟
أم إن علينا أن نعتصر قلوبنا، ونقطب جباهنا، نفرة من إثارة هذه الأحاديث، لا لشئ إلا لأنها تمس بمعتقدات نشأنا عليها؟!