وحمل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات، واشتباك ازدحام الخيل، وفتح الأمصار سقاهم كأس الهواء، فعادوا إلى الخلاف الأول، فنبذوا الحق وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا، فبئس ما يشترون (1).
ولعل منهم في عصرنا هذا: شيخ الأزهر الأسبق الشيخ سليم البشري، وقد صرح هو بذلك في جوابه للسيد شرف الدين الموسوي، بعد مناقشات ومراسلات طويلة بينهما عرض عليه السيد الموسوي من خلالها أدلة وبراهين قاطعة بأحقية مذهب أهل البيت، وأنهم - عليهم السلام - أولى بالاتباع من سواهم، فأجابه الشيخ، قائلا:
وحين أغرقت في البحث في حجتك، وأمعنت في التنقيب عن أدلتك، رأيتني في أمره مريج:
أنظر في حججك فأراها ملزمة، وفي بيناتك فأراها مسلمة، وأنظر في أئمة العترة الطاهرة فإذا هم بمكانة من الله ورسوله يخفض لها جناح الذل هيبة وإجلالا..
ثم أنظر إلى جمهور أهل القبلة، والسواد الأعظم من ممثلي هذه الملة فأراهم مع أهل البيت على خلاف لما توجبه ظواهر الأدلة!
فأنا أؤامر مني نفسين:
نفس تنزع إلى متابعة الأدلة..
وأخرى تفزع إلى الأكثرية من أهل القبلة! قد بذلت لك الأولى قيادها، فلا تنبو في يديك، ونبت عنك الأخرى بعنادها، فاستعصت عليك..!! (2) يقول هذا وكأنه نسي - غفر الله له - ما لقي أهل البيت منذ غياب