رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ما جاء من دور بني أمية، وبني العباس، والعثمانيين في نشر المذاهب الأربعة، وإيقاف العمل عليها، ومحاربة ما سواها، ولا سيما مذهبا سقاه علي والحسن والحسين عليهم السلام!
وإني أعترف على نفسي أن لو لم تتداركني رحمة ربي وتوفيقاته لصرعتني تلك النفس (المعاندة). ولقد كادت، ونجحت مرة، ولكن الله أعانني عليها..
فبعد أن أمضيت الشهور في الدرس، والتنقيب، والمناظرة، والبحث، وبلغت كامل اليقين، واستجمعت قواي في ليلة ختمت فيها مجلسا في بحث متشعب عميق في هذه المواضيع، فخرجت منه وأنا أشد يقينا، وأثبت حجة، عازما أن أبدأ الفجر الجديد بالصلاة وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام..
وبينما كنت أعيش نشوة الإنتصار، وحلاوة اليقين، إذ صادف أن اجتمعت مع ثلة من أبناء الشيعة، فتناولنا، أطراف الحديث، فلما رأيتهم يتحدثون وملؤهم الفخر بمذهبهم ثارت في تلك النفس - المعاندة - من جديد، وأبت أن توافقهم!
فخضت الحديث معهم أغالط نفسي على علم وإصرار، ومضيت هكذا حتى سئمت نفسي، واضطربت في داخلي، ولكني لست مستعدا للانقياد لهم!
فعدت متحيرا من نفسي وما فيها، ونمت مصروعا ثقيلا.. وعدت أقضي شهورا أخرى مضطربا، بين يقين عرفته واعتقدته، وبين عناد وكبرياء لهما جذور قديمة!
وبقيت هكذا، أصطنع العلل والأعذار، وأجعلها شرعية طبعا، ولكنها كانت كبيوتات الصغار، يشيدونها على الرمال، فتنقشع، وتزول آثارها بعد ساعة.
حتى أجليت ما في صدري بدموع الليل، وزفرات الخلوة، أبكي حبا وشوقا إلى سادة الخلق، وأنوار الهدى، وأبكي على نفسي وغلبتها.
حتى أحسست وأنا في هدأة الليل كأن قطرة من تلك الدموع قد أتت