ما له؟ أهجر؟ حسبنا كتاب الله!
أترى أرضاه هذا، أم أسخطه؟
ولنا أن نسأل، فنقول: لو أن عمر كان يظن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيوصي له، أو لأبي بكر، أكان يقول ما قال، أم سيكون أسرع الملبين، وسيهتف بملء فيه: هلموا يكتب لكم رسول الله، فاسمعوا له وأطيعوا؟
وليس هذا تهكما مني، سوء ظن، بل هو ما حدث فعلا يوم عهد له أبو بكر بالخلافة في آخر أيام حياته، وهو على فراش الموت، وكان يغمى عليه ثم يفيق وهو يملي الكتاب!
قال ابن الأثير: ثم إن أبا بكر أحضر عثمان بن عفان ليكتب عهد عمر، فقال له:
اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين، أما بعد. ثم أغمي عليه، فكتب عثمان: فإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، ولم آلكم خيرا.
ثم أفاق أبو بكر، فقال: اقرأ علي.
فقرأ عليه، فكبر أبو بكر، وقال: أراك خفت أن يختلف المسلمون إن مت في غشيتي؟
قال نعم.
قال: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله.
فلما كتب العهد أمر أن يقرأ على الناس، فجمعهم، وأرسل الكتاب مع مولى له، ومعه عمر، فكان عمر يقول للناس: أنصتوا واسمعوا لخليفة