ومع هذا فقد تمت، تلك البيعة التي وصفها عمر - في خطبته التي اتفق عليها أصحاب السير - بأنها كانت فلتة!
وذلك أنه سمع رجلا يقول: لو قد مات عمر لبايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فأعد لأجل ذلك خطبته التي ألقاها في مسجد رسول الله مقدمه من الحج، فقال فيها: لا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.
من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا (1).
ثم جاء آخر أيام أبي بكر، فماذا حصل؟
كتب أبو بكر عهده بالخلافة من بعده لعمر، من دون أدنى مشورة من المسلمين! وجاء الصحابة، وأبدوا سخطهم، فقالوا: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته (2)؟
وتمت البيعة!
حتى كان آخر أيام عمر، فأخذ يتصفح الناس، من يستخلف منهم!
فقال: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته، وقلت لربي إن سألني:
سمعت نبيك يقول " إنه أمين هذه الأمة ".