وحتى لا يبقى عندك شك أيها القارئ العزيز، أزيدك ما يلي:
أخرج الحاكم في مستدركه وأبو داود في صحيحه والإمام أحمد في مسنده والدارمي في سننه، أخرجوا كلهم حديثا مهما جدا بخصوص عبد الله بن عمرو الذي ذكره أبو هريرة بأنه كان يكتب عن النبي:
قال عبد الله بن عمرو: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (ص)، فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شئ سمعته من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا؟
قال عبد الله: فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأومأ إلى فيه وقال: أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا الحق (1).
ونلاحظ من خلال هذا الحديث بأن عبد الله بن عمرو كان يكتب كل ما يسمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينهه النبي عن ذلك وإنما وقع النهي من قريش، ولم يرد عبد الله التصريح بأسماء الذين نهوه عن الكتابة لأن في نهيهم طعن على رسول الله، كما لا يخفى فأبهم القول بأنهم قريش، والمقصود بقريش زعماؤها من المهاجرين وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمان بن عوف وأبو عبيدة وطلحة والزبير ومن سار على رأيهم.
كما نلاحظ بأن نهيهم لعبد الله كان في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما يؤكد عمق المؤامرة وخطورتها.
وإلا لماذا يعمد هؤلاء لنهي عبد الله عن الكتابة بدون الرجوع إلى النبي نفسه؟
كما يفهم أيضا من قولهم له: إن رسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، أن عقيدتهم في النبي كانت هزيلة إلى درجة أنهم يشكون فيه بأنه يقول باطلا ويحكم ظلما خصوصا في حالة الغضب، وما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما ذكر له عبد الله بن عمرو نهي قريش وما قالوه في شأنه فقال صلى الله عليه وآله وسلم: