عجيب والله أمر هؤلاء الذين يقبلون مائة ألف حديث عن أبي هريرة الذي لم يصحب النبي إلا ثلاث سنوات وكان يجهل القراءة والكتابة ويزعمون بأن عليا باب مدينة العلم الذي تعلم منه الصحابة شتى العلوم والمعارف، كان يحمل صحيفة فيها أربعة أحاديث ظلت تلازمه من حياة الرسول إلى أيام خلافته فيصعد بها على المنبر وهي معلقة على سيفه؟
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
على أن في ما أخرجه البخاري كفاية للباحثين والعقلاء، وذلك عندما ذكر بأن فيها العقل، فهو دليل بأن في الصحيفة أشياء كثيرة تخص العقل البشري والفكر الإسلامي.
ونحن لا نريد إقامة الدليل على ما في الصحيفة، فأهل مكة أدرى بشعابها وأهل البيت أدرى بما فيه وقد قالوا بأن فيها كل ما يحتاجه الناس من حلال وحرام حتى أرش الخدش.
ولكن الذي يهمنا في هذا البحث هو أن الصحابة كانوا يكتبون أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقول أبي هريرة بأن عبد الله بن عمرو كان يكتب أحاديث النبي ، وقول علي بن أبي طالب: ما كتبنا عن رسول الله إلا القرآن وما في هذه الصحيفة، كما جاء في صحيح البخاري، هو دليل قاطع على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عن كتابة أحاديثه أبدا، بل العكس هو الصحيح، وأن الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه هو حديث مكذوب وضعه أنصار الخلفاء لتأييد وتبرير ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان من حرق الأحاديث النبوية ومنع السنة من الانتشار. ومما يزيدنا يقينا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عن كتابة الأحاديث عنه بل إنه أمر بها، هو ما قاله الإمام علي أقرب الناس للنبي: ما كتبنا عنه غير القرآن وما في هذه الصحيفة والذي صححه البخاري.
وإذا أضفنا إلى هذا قول الإمام جعفر الصادق بأن الصحيفة الجامعة هي من إملاء رسول الله وخط علي فمعناه أن النبي أمر عليا بالكتابة.