أما العالم السني تجده قليلا ما يهتم بالتاريخ فهو يعتبره من المآسي التي لا يريد نبشها والاطلاع عليها، بل يجب إهمالها وعدم النظر فيها لأنها تسئ الظن ب " السلف الصالح.
وبما أنه أقنع نفسه أو أوهمها بعدالة الصحابة أجمعين ونزاهتهم، فلم يعد يتقبل ما سجله التاريخ عليهم.
لكل ذلك تراه لا يصمد للنقاش البناء الذي يقوم على الدليل والبرهان، فتراه إما يتهرب من البحث لعلمه مسبقا بأنه مغلوب وإما أن يتغلب على عواطفه وميوله ويقحم نفسه في البحث فيصبح ثائرا على كل معتقداته ويتشيع لأهل بيت المصطفى.
فالشيعة هم أهل السنة النبوية لأن إمامهم الأول بعد النبي هو علي بن أبي طالب الذي يعيش ويتنفس بالسنة النبوية. أنظر إليه وقد جاؤوه ليبايعون بالخلافة على أن يحكم بسيرة الشيخين فقال: لا أحكم إلا بكتاب الله وسنة رسوله فلا حاجة لعلي في الخلافة إن كانت على حساب السنة النبوية، فهو القائل: إن خلافتكم عندي كعفطة عنز إلا أن أقيم حدا من حدود الله.
وقال ابنه الإمام الحسين: قولته المشهورة التي بقيت ترن في مسمع الدهر: إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني.
ولهذا فإن الشيعة ينظرون إلى إخوانهم من أهل السنة والجماعة بنظر العطف والحنان وكأنهم يريدون لهم الهداية والنجاة لأن ثمن الهداية عندهم حسب ما جاءت به الروايات الصحيحة خير من الدنيا وما فيها، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عندما بعثه لفتح خيبر: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن قالوها فقد عصم منك دماؤهم وأموالهم وحسابهم على الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو خير لك من أن يكون لك حمر النعم (1).