وبما أن " أهل السنة والجماعة " يمثلون تلك الخلاقة أو أن تلك الحكومات المتعاقبة تمثل " أهل السنة والجماعة " في كل بقاع الدنيا، وعلى مر التاريخ الإسلامي، فإنك تري اليوم في السعودية وفي المغرب والأردن وفي كل دول الخليج كلهم يعملون بنظرية ولاية العهد التي ورثوها عن " سلفهم الصالح " وكلهم يمثلون " أهل السنة والجماعة "، وعلى فرض صحة النظرية التي يعتقدونها وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك الأمر شوري والقرآن يقر الشورى، فإنهم خالفوا القرآن والسنة و قلبوا نظام الشورى " الديمقراطي " إلى نظام ولاية العهد الملكي الاستبدادي.
أما على فرض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على علي بن أبي طالب كما يقول بذلك الشيعة، فإن " أهل السنة والجماعة " خالفوا صريح السنة النبوية وخالفوا القرآن لأن رسول الله لا يفعل شيئا إلا بإذن ربه.
ولذلك تراهم يشعرون بفساد هذه النظرية " الشورى " لأن الخلفاء الأولين لم يطبقوها ولم يعملوا بها، كما يشعرون بفساد نظرية " ولاية العهد " أيضا فتراهم يبررون ذلك بأحاديث " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملك عضوض "، وكأنهم يريدون إقناع غيرهم بما اقتنعوا به من أن الملك لله يعضه حيث يشاء، وأن الملوك والسلاطين ولاهم الله سبحانه على رقاب الناس فتجب بذلك طاعتهم وعدم الخروج عليهم.
وهذا بحث طويل يجرنا إلى القضاء والقدر الذي بحثناه في كتاب " مع الصادقين " ولا نريد الرجوع إليه، ونكتفي بأن نعرف بأن " أهل السنة والجماعة " يسمون أيضا ب " القدرية " لقوهم بذلك.
والنتيجة هي أن " أهل السنة والجماعة " يؤمنون بولاية العهد ويعتبرونها خلافة شرعية، لا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بها، أو أنه عين وليا لعهده، فهم ينكرون ذلك أشد الإنكار، ولكن لأن أبا بكر عهد إلى عمر وعمر عهد إلى الستة، و معاوية عهد إلى يزيد وهكذا، ولم يقل أحد من العلماء عندهم ولا أحد من أئمة المذاهب الأربعة، بأن الحكم الأموي أو الحكم العباسي أو