ويحدثنا الماوردي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطش في غزوة تبول فقال المنافقون: إن محمدا يخبر بأخبار السماء، ولا يعلم الطريق إلى الماء، فنزل جبريل وأخبره بأسمائهم، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم سعد بن عبادة، فقال له سعد " إن شئت ضربت أعناقهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، ولكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا " (1) وقد سار فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أشار به القرآن الكريم في حقهم، فقد رضي الله عن الصادقين منهم وغضب على المنافقين والمرتدين والناكثين منهم، ولعنهم في العديد من الآيات المحكمات، وقد وافينا البحث لهذا الموضوع في كتاب " فاسألوا أهل الذكر " في فصل " القرآن الكريم يكشف حقائق بعض الصحابة " فمن أراد التحقيق فعليه بالرجوع إلى الكتاب المذكور.
ويكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه و فضح أصحابها وكانوا أثني عشر رجلا من الصحابة تذرعوا ببعد المسافة وأن الوقت لا يسعهم للحضور مع النبي، فبنوا مسجدا لأداء الصلاة في وقتها، فهل ترى إخلاصا و رفاء أكبر من هذا؟ أن يصرف العبد أموالا طائلة لبناء مسجد حرصا منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها وفي جماعة يجمعهم مسجد واحد؟
ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، علم سرائرهم وما تخفي صدورهم، فأوحي إلى رسوله بأمرهم وأطلعه على نفاقهم بقوله: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون (التوبة: 107 وكما أن الله لا يستحي من الحق فكذلك رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لأصحابه صراحة بأنهم سيتقاتلون على الدنيا وأنهم سيتبعون قي الضلالة سنن اليهود