أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال: ذكر عند هارون الرشيد حديث أبي هريرة: إن موسى لقي آدم فقال له: أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة؟ فقال رجل قرشي كان في المجلس: أين لقي آدم موسى؟! فغضب الرشيد وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) وإذا كان هذا الرجل بلا شك من الأعيان، لأنه يحضر مجلس الرشيد يلاقي الموت بقطع رأسه بالسيف لمجرد تساؤله عن المكان الذي لقي فيه آدم موسى.
فلا تسأل عن الشيعي الذي يقول بأن أبا هريرة كذاب، استنادا لتكذيب الصحابة له وعلى رأسهم عمر بن الخطاب. ومن هنا يفهم الباحث كل التناقضات التي جاءت في الأحاديث والمنكرات والمستحيلات والكفر الصريح. ومع ذلك سجلت بأنها صحيحة و ألبست ثوب القداسة والتنزيه.
كل ذلك لأن النقد والتجريح كانا ممنوعين ويجران إلى الموت والهلاك. بل إن الذي يتساءل عن بعض المعاني ليصل إلى الحقيقة ويشتم منه رائحة التفتيش والتنقيب فهو مقتول لا محالة ليكون مثالا لغيره، فلا يجرؤ أحد بعده أن يتكلم.
وقد موهوا على الناس بأن الذي يطعن في حديث أبي هريرة أو أحد الصحابة حتى العاديين منهم، بأنه طعن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبذلك وضعوا هالة على الأحاديث الموضوعة التي اختلقها بعض الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأصبحت من المسلمات.
وكنت كثيرا ما أحتج على بعض علمائنا بأن الصحابة لم يكن عندهم هذا التقديس بل كانوا أنفسهم يشككون في حديث بعضهم إذا تعارض حديثه بما يخالف القرآن، وبأن عمر بن الخطاب ضرب أبا هريرة بالدرة ونهاه عن الحديث واتهمه بالكذب إلى غير ذلك، فكانوا يردون علي دائما بأن الصحابة من حقهم أن يقولوا في بعضهم ما شاؤوا، أما نحن فلسنا في مستواهم حتى نرد عليهم أو ننتقدهم.
أقول: يا عباد الله، إنهم تقاتلوا وكفر بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا؟!