فهذا الإمام الفقيه عبد الله بن مسلم بن قتيبة محدث وفقيه " أهل السنة و الجماعة " متوفى سنة 276 هجرية يقول بصراحة: " السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة " (1) كما ذكر صاحب كتاب مقالات الإسلاميين نقلا عن الإمام الأشعري وهو إمام " أهل السنة والجماعة " في الأصول قوله: " إن السنة تنسخ القرآن وتقضي عليه، وأن القرآن لا ينسخ السنة ولا يقضي عليها " (2) وذكر ابن عبد البر بأن الإمام الأوزاعي وهو من كبار أئمة " أهل السنة و الجماعة "، قال: " إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن " (3) فإذا كانت هذه أقوالهم تشهد على عقيدتهم فمن الطبيعي جدا أن يتناقض هؤلاء مع ما يقوله أهل البيت من عرض كل حديث على كتاب الله ووزنه عليه لأن القرآن هو القاضي على السنة، ومن الطبيعي أيضا أن يرفضوا هذه الأحاديث ولا يعترفوا بها ولو رواها أئمة أهل البيت، لأنهم تنسف مذهبهم نسفا.
فقد ذكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة بأن الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قوله: إذا جاءكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله، قال البيهقي: هذا حديث باطل لا يصح، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن.
وصرح ابن عبد البر نقلا عن عبد الرحمان بن مهدي بأن الحديث الذي روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: " ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله "، هذه الألفاظ لا تصح عنه عند أهل العلم. بصحيح النقل من سقيمه، وقال بأن هذا الحديث وضعه الزنادقة والخوارج (4).