ولعله كان يفتخر بخلافة جده أبي بكر وبخالته عائشة فورث منهما ذلك الحق وشب عليه. فكان الإمام علي (عليه السلام) يقول للزبير: قد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرق بيننا وبينك.
والمشهور في التاريخ أنه كان في حرب الجمل من العناصر البارزة والقادة المباشرين، حتى أن عائشة قدمته ليؤم الناس في الصلاة بعدما عزلت طلحة والزبير لأنهما اختلفا ورغب كل واحد منهما فيها.
ويقال أيضا إنه هو الذي جاء لخالته عائشة بخمسين رجلا يشهدون زورا بأن المكان ليس ب " (ماء الحوأب) فواصلت معهم طريقها.
وعبد الله هو الذي عبر أباه بالجبن واتهمه بالخوف لما عزم على اعتزال المعركة بعدما ذكره الإمام علي (عليه السلام) بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإعلامه بأنه سيقاتل عليا وهو له ظالم، حتى أن أباه - لما كثر هو تعييره - قال له : ما لك أخزاك الله من ولد ما أشأمك (1).
ويقال: إنه ما زال يعير أباه ويهيجه حتى حمل على جيش علي فقتل، وبهذا يصدق عليه قول أبيه (ما أشأمك من ولد.
وهذه هي الرواية التي اخترناها لأنها أقرب للواقع ولنفسية الزبير الحاقدة وابنه عبد الله ابن السوء. فلا يمكن للزبير أن ينسحب من المعركة بتلك السهولة ويترك وراءه طلحة وأصحابه ومواليه وعبيده الذين جاء بهم إلى البصرة ويترك أم المؤمنين أخت زوجته وقد أشرفت على الهلاك، ولو سلمنا بأنه تركهم فهم لا يتركونه وبالخصوص ابنه عبد الله الذي عرفنا عزمه وشدة حزمه.
ويذكر المؤرخون بأن عبد الله بن الزبير كان يشتم عليا ويلعنه ويقول: جاءكم الوغد اللئيم - يقصد عليا (عليه السلام) - وخطب في أهل البصرة يستنفر الناس ويحرضهم على القتال فقال: أيها الناس إن عليا قتل الخليفة بالحق عثمان مظلوما، ثم جهز الجيوش ليستولي عليكم ويأخذ مدينتكم، فكونوا رجالا تطالبون بثأر خليفتكم، واحفظوا حريمكم وقاتلوا عن نسائكم