وعلى هذا الأساس المتين بنى الشيعة الإمامية فقههم وعقائدهم، فمهما بلغ الحديث من صحة الإسناد فلا بد أن يزنوه بهذا الميزان ويعرضوه على الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
والشيعة الإمامية هي الفرقة الوحيدة بين الفرق الإسلامية الأخرى التي اشترطت هذا الشرط، وبالخصوص في باب تتعارض فيه الروايات والأخبار.
قال الشيخ المفيد في كتابه المسمى ب " تصحيح الاعتقاد: وكتاب الله تعالى مقدم على الأحاديث والروايات، وإليه يتقاضى في صحيح الأخبار وسقيمها فما قضى به فهو الحق دون سواه.
وبناء على هذا الشرط، وهو عرض الحديث على كتاب الله تعالى تميز الشيعة عن أهل السنة والجماعة في كثير من الأحكام الفقهية وكذلك في كثير من العقائد.
والباحث يجد في كل أحكام الشيعة وعقائدهم مصداقا في كتاب الله، خلافا لما هو عند أهل السنة والجماعة فالمتتبع قد يجد عندهم عقائد وأحكاما تخالف صريح القرآن الكريم، ستعرف ذلك وسنوافيك ببعض الأدلة على ذلك قريبا إن شاء الله.
وبناء على ذلك يفهم المتتبع أيضا بأن الشيعة لم يصححوا أي كتاب من كتب الحديث عندهم أو يعطوه قدسية تجعله بمثابة القرآن، كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة الذين يصححون كل الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم، رغم أن فيهما مئات الأحاديث التي تتناقض مع كتاب الله.
ويكفيك أن تعرف بأن كتاب الكافي عند الشيعة رغم جلالة قدر مؤلفه محمد بن يعقوب الكليني وتبحره في علم الحديث إلا أن علماء الشيعة لم يدعوا يوما بأن ما جمعه كله صحيح بل هناك من علمائهم من طرح أكثر من نصفه وقال بعدم صحتها، بل إن مؤلف ( الكافي) لا يقول بصحة كل الأحاديث التي جمعها في الكتاب.