أعمى بصره وبصيرته وأخرجه عن الإيمان ولم يتب ابن الزبير بعد ذلك ولم يتخذ من تلك الحرب دروسا ومواعظ يستفيد منها.
كلا إنه قابل الحسنة بالسيئة وازداد حقده وبغضه لبني هاشم ولسيد العترة الطاهرة وعمل كل ما في وسعه لإطفاء نورهم والقضاء عليهم.
فقد روى المؤرخون بأنه وبعد مقتل الإمام علي (عليه السلام) قام يدعو لنفسه بإمارة المؤمنين والتف بعض الناس وقويت شوكته، فعمل على سجن محمد بن الحنفية، ولد الإمام علي (عليه السلام) وكذلك الحسن بن علي ومعهم سبعة عشر رجلا من بني هاشم وأراد أن يحرقهم بالنار فجمع على باب الحبس حطبا كثيرا وأضرم عليهم النار، ولولا وصول جيش المختار في الوقت المناسب فأطفأ النار واستنقذهم لبلغ فيهم ابن الزبير مراده (1).
وبعث إليه مروان بن الحكم جيشا بقيادة الحجاج فحاصره وقتله وصلبه في الحرم.
وهكذا انتهت حياة عبد الله بن الزبير كما انتهت حياة أبيه من قبل، كل منهما أبح الدنيا وحرص على الإمارة وأراد البيعة لنفسه وقاتل من أجلها وهلك وأهلك ومات مقتولا دونها ولم يبلغ مناه.
ولعبد الله بن الزبير آراء في الفقه أيضا وهي رد فعل منه لمخالفة فقه أهل البيت الذين يبغضهم، ومن أشهرها قوله بحرمة زواج المتعة.
فقد قال مرة لعبد الله بن عباس: يا أعمى البصر لئن فعلتها لأرجمنك بالحجارة.
ورد عليه ابن عباس: أنا أعمى البصر، أما أنت فأعمى البصيرة، وإذا أردت معرفة حلية المتعة فاسأل عنها أمك! (2).