وكما قدمنا في بحث طلحة والزبير وسعد بأنهم زرعوا الشوك وحصدوا الخسران والندامة.
فلننظر إلى عبد الرحمان بن عوف وما آل إليه تدبيره، يقول المؤرخون بأن عبد الرحمان بن عوف ندم أشد الندم لما رأى عثمان خالف سنة الشيخين وأعطى المناصب والولايات إلى أقاربه وحاباهم بالأموال الطائلة، فدخل عليه وعاتبه وقال: إنما قدمتك (1) على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين.
فقال عثمان: إن عمر كان يقطع قرابته في الله وأنا أصل قرابتي في الله، قال عبد الرحمان: لله علي أن لا أكلمك أبدا، فلم يكلمه حتى مات وهو هاجر لعثمان، ودخل عليه عثمان عائدا له في مرضه فتحول عنه إلى الحائط ولم يكلمه (2).
وبهذا يكون الله سبحانه قد استجاب دعاء الإمام علي في عبد الرحمان كما استجابه في طلحة والزبير فقتلا من يومهما.
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي ي شرح النهج إن عليا غضب يوم الشورى وعرف ما دبره عبد الرحمان بن عوف فقال له:
والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم (3).
ويقصد الإمام علي بأن عبد الرحمان طمع أن يستخلفه عثمان من بعده كما فعل أبو بكر بعمر، وقد قال له علي: أحلب حلبا لك شطره واشدد له اليوم ليرده عليك غدا.
أما عطر منشم الذي دعا به علي عليهما فهو مثل سائر يقال: أشأم من عطر منشم وهو يدل على النفور والمقاتلة.