مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجري في هذا المجرى، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وألقي إلى معلمي الكتاتيب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا في ذلك ما شاء الله، فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء، والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والتمسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا به المال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها، ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولما تدينوا بها " انتهى النص الحرفي لما ذكره المدائني كما روى ابن أبي الحديد " (1) قال ابن نفطويه وهو من كبار المحدثين وأئمة الجرح والتعديل بأن أكثر الأحاديث التي وضعت في فضائل الصحابة مفتعلة، وكان القصد منها إرغام أنوف بني هاشم (2).
وخلال هذه الفترة سب معاوية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمر الناس جميعا بشتمه ولعنه، وجعل ذلك سنة يجهر بها على منابر المسلمين في كل عيد وجمعة، وما زال الخطباء في جميع أنحاء البلاد تعد تلك المنكرة جزءا من خطبة الجمعة والعيدين حتى عام 99 ه، عندما أزال هذه المنكرة عمر بن عبد العزيز وتلك حقيقة متواترة (3).