صدام واضح مع روح الدين!! لقد تركوا قواعد الدين ومبادئه كلها، واختصروا الإسلام في جملة واحدة " المجتهد مأجور أصاب أم أخطأ " وهل في قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق اجتهاد!! وهل في الإسلام إلا حق واحد؟ وهل فيه غير صراط واحد وهو صراط الله المستقيم!! وهل له غير شرع واحد!! وهل سمعتم في حياتكم أن شريعة من الشرائع السماوية أو الوضعية قد ساوت بين الجاني والضحية!!
لقد جانب علماء دولة الخلافة الصواب يوم أفتوا بأخذ سنة الرسول من كل واحد من مواطني دولة الرسول بحجة أنهم جميعا قد تشرفوا بمشاهدة رسول الله فصاروا صحابة!! كما جانبوا الصواب يوم هدموا الفوارق بين طبقات الصحابة وساووا بين الأول والأخير، والعالم والجاهل، والقاعد والمجاهد، ومن وقف مع الرسول كمن وقف ضده!! لقد فتحوا على الإسلام وعلى رسول الله أبوابا كانت مغلقة، لقد أتاحوا الفرصة أمام الجاني ينكل بضحيته، ويسخر منها، وأعطوا المبطل والمعتدي الحق ليجني ثمرة عدوانه وباطله.
5 - كان بإمكان علماء دولة الخلافة أن يستفيدوا من سيرة الرسول العملية وأن يستخرجوا منها موازين دقيقة، لكن أغلبية أولئك العلماء قد تجاهلوا سيرة الرسول تجاهلا تاما، وتجاهلوا واقعتي: بناء دولة النبي، ومسيرة الدعوة، كما تجاهلوا إسهامات الصحابة الكرام في بناء الدولة، ومسيرة الدعوة، ومواقف الناس من هاتين الواقعتين، فالإسهامات والمواقف معايير موضوعية، فالذين لازموا الرسول، وبنوا الدولة على أكتافهم، وفدوا الدعوة بأرواحهم، وعرفوا الإسلام نصا نصا بطول ملازمتهم للرسول هم وحدهم الذين يعرفون سنة الرسول، وهم وحدهم المؤتمنون عليها باستثناء القليل، فإن علماء دولة الخلافة لم يبذلوا أي جهد يذكر للاستفادة من علوم وخبرة ذلك النفر الصادق من الصحابة الذين