الدولة، ومسلم بصحتها شعيبا!! وساعدهم على ذلك أنهم قد اعتمدوا المعايير التي وضعها معاوية وشيعته لنظرية عدالة كل الصحابة!! فآمنوا كما آمن معاوية بأن كل صحابي على الإطلاق صادق يمتنع عليه الكذب والغلط، باستثناء علي بن أبي طالب وأهل بيت النبوة، ومنجهر بولائه لهم أو عرف بهذا الولاء!!
فتداول الناس المرويات التي اختلقها الأمويون، والمرويات التي تمخض عنها جهد العلماء الباحثين فعلا عن حديث رسول الله، واعتبروا المجموعتين أجزاء من منظومة أو مجموعة واحدة، أو وجوها متعددة لشئ واحد، وتجاوزت مرويات هذه المجموعة الملايين، وكلها من حيث الشكل مروية بطريقة مقبولة وأدرك البعض أنه من المستحيل عقلا أن تصدر كل هذه المرويات عن رسول الله!! خاصة، وأن بعضها يناقض بعض!!
وكان من المتعذر عليهم أن يجهروا بهذه القناعة الخفية خوفا من العامة، لذلك رأى البعض أن من الأنسب اختيار كميات محدودة من هذه الملايين، وجمعها بمجموعات خاصة، ووضعها تحت تصرف المسلمين، وأعمالا لهذه الرؤية، وضعت كتب الحديث التي سماها أصحابها أو عرفت عند العامة... بالصحاح وبرزت من هذه المجموعات " الصحاح الستة " وكان لجامع كل صحيح أسلوبه الخاص باختيار رجاله، ومروياته وتبويب كتابة، وظهرت المسانيد، والسنن، وهي كلها عبارة عن كتب حديث مختارة من المجموعة الكبرى التي أشرنا إليها قبل قليل.
والخط العام الذي انتهجه أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن، هو خط دولة الخلافة، والرواة كلهم على الأغلب من الموالين لها، ومن الذين أشربوا ثقافتها ولا عبرة بسابقة الرواة للإسلام أو حداثتهم فيه، ولا لعلمهم في الدين أو جهلهم فيه، ولا لجهادهم أو قعودهم، فأبو هريرة الذي لا يعرف على وجه التحقيق اسمه الحقيقي لم يصحب النبي أكثر من سنتين