بيت النبوة وعلي بن أبي طالب خاصة ومن والاهم أو وبتعبير أدق، تمجد دولة الخلافة، وتبرر أفعال الخلفاء ومساعديهم، وتضفي عليهم طابع القداسة التامة، وتذم أعداءهم، وتظهرهم بمظهر المارقين الشاقين لعصا الطاعة، المفرقين للجماعة وتهبط بمنزلة علي بن أبي طالب إلى مستوى الحضيض، وتلغي بالكامل مكانة أهل بيت النبوة، وتتجاهل وجودهم تجاهلا تاما فتؤخرهم وتقدم الجميع عليهم، ولما تحقق لمعاوية ما أراد، وجمع هذا الكم الهائل من المرويات الكاذبة، فرض على العامة والخاصة تعلم هذه الروايات وحفظها، وجعلها المادة الأساسية في الكتاتيب والمعاهد والجامعات!!!
" قال المدائني في كتابه " الأحداث ": " كتب معاوية إلى عماله بعد عام " الجماعة " أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيت النبوة.
وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم، وقربوهم وأكرموهم واكتبوا إلي بكل ما يروي رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك، حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه، في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجئ أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه، وشفعه، فلبثوا في ذلك حينا، ثم كتب إلى عماله " إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خيرا يرويه واحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة مفتعلة!! فإن هذا أحب إلي، وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله "، فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة،