علماء دولة الخلافة فصيلا من الجيش، يأمره الخليفة فيطيع، وينهاه فينتهي!!
إن قرار السماح بكتابة قرار حكومي من كل الوجوه اتخذه الخليفة بمحض اختياره ونال شرفه وحده وتابع الخلفاء تنفيذه، ولا بد لعلماء دولة الخلافة فيه ولا فضل لهم عليه، بل الثابت أنهم قد قاوموه في البداية، ومضت مدة ثلاثين عاما قبل أن يعقلوه بحجة تعارضه مع سنة الخلفاء الراشدين، ولما أصر الخلفاء على قرارهم نفذه علماء دولة الخلافة وهم كارهون، لا قناعة بوجاهته، ولكن خوفا من سلطان الدولة!! وتلك أمور تسجل على علماء دولة الخلافة لا لهم.
2 - لقد كلف العلماء أنفسهم بما لا قبل لهم به، ولا طاقة لهم عليهم: فطوال مائة عام ونيف دولة عظمي تقف بكل قوتها ونفوذها ومواردها ضد كتابة ورواية سنة الرسول، وفي الوقت نفسه تضع وتطبق سننا واجتهادات بديلة لسنة الرسول، ولما قرر عمر بن عبد العزيز السماح بكتابة ورواية سنة الرسول، كانت السنن والاجتهادات البديلة تشكل منظومة حقوقية كاملة، ونافذة المفعول، أو كانت هذه السنن والاجتهادات بمثابة القانون الوحيد النافذ في المجتمع كله، كان دور سنة الرسول مقتصرا على العبادات، أو على بعض الأمور التي لا تتعارض مع السنن الوضعية والاجتهادات التي قبلت بها الأغلبية الساحقة من المسلمين طوعا أو كرها، ثم اعتادت عليها، فمن يتوقع من هذه الأغلبية أن تتنازل عن قوانينها النافذة!! ومن يتوقع منها أن تقر وتعترف بأنها قد تركت النص وأخذت بالاجتهاد، وأنها قد تركت سنة رسول الله وأخذت بسنة الخلفاء!! وهذا يستدعي إضفاء الشرعية الإسلامية أية شرعية ولو على السنن والاجتهادات التي حلت محل سنة الرسول!! وهذا يستدعي أن توحد الأغلبية جهودها، وأن تعيق إظهار سنة الرسول التي ستدينها. لقد كانت الأغلبية الساحقة من المجتمع ضد فكرة تدوين السنة وروايتها، لأنها قد اعتادت طوال مائة عام