الطبيعي أن يحتج أهل بيت النبوة، والفئة القليلة المؤمنة العارفة بالأحكام الشرعية، فكان أولياء الخلفاء يختلفون أحاديث على رسول الله فيتقربون بهذه الأحاديث المختلقة إلى الخلفاء وفي الوقت نفسه يبررون ويدعمون اجتهادات الخلفاء، وبما أن دولة الخلافة هي المسيطرة على وسائل الإعلام والمناهج التربوية والتعليمية، فقد كانت تجيز هذه الاختلافات وتظهرها بمظهر الأحاديث الصحيحة وتعتمدها وساعدهم على ذلك تفشي نظرية عدالة كل الصحابة، فالذين اختلقوا هذه الأحاديث كانوا قد شاهدوا الرسول وهذه المشاهدة كافية لتجعلهم عدولا، ولتضفي عل كل ما يصدر منهم طابع الصدق والصواب!! أما الأحاديث المناقضة لاجتهادات الخلفاء فقد كان يعتم عليها تعتيما تاما، يتم تجاهلها بالكامل، وإن ظهرت رغم ذلك، فقد كان يتم تداولها سرا وبخوف، أما علنا فهي موضع شك لأنها مخالفة لرأي الدولة.
2 - لما استولى معاوية على منصب الخلافة أصدر سلسلة من المراسم، الملكية وعممها على كافة الولاة والعمال في كل مكان من أرجاء مملكته في نسخة واحدة وطلب منهم تنفيذها بدقة تامة، جاء في أحدها أن برئت الذمة ممن روى شيئا في فضل أبي تراب وأهل بيت النبوة، وجاء في آخر " لا تدعوا شيئا يروي في فضل أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة " (1) وأمر الناس أن يروي في فضل عثمان، ثم في فضل أبي بكر، ثم في فضل عمر، ثم في فضل الصحابة مجتمعين ومتفردين باستثناء علي بن أبي طالب ومن والاه ووعد الرواة بجوائز سنية، وأعطوا بالفعل عطايا تفوق حدي التصور والتصديق!! فانبجست الأرض فجأة عن آلاف الرواة وفاضت الدنيا بالروايات، التي تمدح الخلفاء ومن والاهم، وتذم أهل