المعلومات السائدة في أوربا، والتي كانت من تراث بولس، ولذلك رأت هذه الحاشية أن اتجاه الأغلبية من حاضري المؤتمر يتعارض مع الاتجاه الرسمي، ومع معلوماتهم عن المسيحية، وعدوا ذلك انحرافا، وأثاروا الإمبراطور، الذي كان طبعا كالحاشية في اعتقاده، وقد أثاره كذلك (بابا) روما الذي يمثل هذا الاعتقاد من الناحية الدينية فأصدر الإمبراطور بناء على ذلك أمره بإخراج الرؤساء الروحانيين الموحدين ونفي الكثيرين منهم، وقتل العالم المصري أريوس الذي كان يتخذ التوحيد عقيدة له، ثم أمر بعقد المؤتمر من الأعضاء الذين يعتنقون مذهب بولس أو الخائفين والمترددين، وكان عددهم 318، واتخذ هؤلاء قرارا بألوهية المسيح، وكان هذا أساسا للمعتقدات الأخرى التي قال بها بولس، واتخذ المؤتمر كذلك قرارا بتدمير كل الوثائق التي تخالف هذا الرأي، وإنزال العقوبات الشديدة بمن يخفي تلك الوثائق، وتبعا لذلك اختفت المسيحية الحقيقية رويدا رويدا واختفت الأناجيل الصحيحة، وحلت المسيحية البوليسية محل مسيحية عيسى.
وهكذا صنع هؤلاء الإله وأخفوا إنجيل عيسى، والأناجيل الحقيقية التي أخذت عنه، ولم يبقوا من المصادر المسيحية إلى ما يؤيد اتجاههم أو ما يقف موقفا سلبيا. ولعل ذلك يوضح قصة التفكير المسيحي في قضية الألوهية.
الله في التفكير الإسلامي:
إن حديثنا عن (الله في التفكير المسيحي) تلخيص لدراسات واسعة، ولكنا لا نحتاج عندما نتحدث عن (الله في التفكير الإسلامي) إلى أي تلخيص لأن الموضوع واضح تمام الوضوح، ولذلك فنحن نحيل القارئ إلى كتاب (الإسلام) من هذه السلسلة ليرى دراسة واضحة حول وجود الله ووحدانيته وصفاته، وليتأكد أن محاولات الانحراف في الإسلام باءت بالفشل.