ويبدو أنه كان من وسائل بولس لتدمير المسيحية أن يحطم معتقداتها واتجاهاتها المقدسة، ووضع لذلك طريقة تكفل له الوقوف في وجه معارضيه عندما يظهر بأفكاره الجديدة، فادعى شاءول أن السيد المسيح - بعد نهايته على الأرض - ظهر له وصاح فيه وهو في طريقه إلى دمشق: لماذا تضطهدني؟
فخاف شاءول وصرخ: من أنت يا سيد؟ قال: أنا يسوع الذي تضطهده. قال شاءول: ماذا تريد أن أفعل؟ قال يسوع: قم وكرز بالمسيحية.
ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي:
(وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أنه ابن الله) (أعمال 9: 3 - 30).
وهكذا وضع بولس لنفسه سياجا يحتمي به لأنه كان يدرك أن معارضة قوية ستهب في وجهه وتنكر هذه المعتقدات الجديدة التي جاء بها، وهي القول بتعدد الآلهة وأن عيسى ابن الله نزل ليضحي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس على يمين أبيه. فأعلن أنه تلقى المعتقدات الجديدة من عيسى مباشرة، وأنه الوحيد الذي أؤتمن عليها وفي ذلك يقول:
وأعرفكم أيها الإخوة، الإنجيل الذي بشرت به أنه ليس بحسب إنسان لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته، بل بإعلان يسوع المسيح (غلاطية 1: 11 - 12)، ويقول كذلك: إنه الوحيد الذي أؤتمن على المسيحية الصحيحة (تيطس 1: 3) وعلى إنجيل مجد الله المبارك (تيمو ثاوس الأولى 1: 11).
وقد عارضه الحواريون معارضة شديدة، وهبوا في وجه يصارعونه في عناد طويل مرير، وحققوا عليه كل نصر، فانفض الناس من حوله تماما، ولم يبق معه إلا قلة قليلة جدا، وهو يقرر ذلك بقوله إلى تلاميذه: