الجواب على ذلك عند المسيحيين سهل للغاية، فهم يعتقدون أن هذه الأناجيل وتلك الرسائل موحى بها إلى هؤلاء القديسين، وأن هؤلاء القديسين كانوا رسلا، وأن الروح القدس أمدهم بالهدى والرشاد.
وهنا تتسع الهوة بين تفكير المسلمين وتفكير المسيحيين، فإثبات الرسالة شئ ليس باليسير عند المسلمين، فالرسول لا بد أن يشيع أمره، وأن تكون له معجزات، ولكن أكثر هؤلاء الرسل الذين يبلغ عددهم مائة وعشرين غير معروفين إطلاقا، والقليلون منهم يعرفهم خاصة المسيحيين فقط، ولم تنسب لأكثرهم معجزات قط، وقد نسب إلى قليلين منهم بعض خوارق، ولكنها نسبة لا يوجد عليها دليل ثابت، وعلى فرض صحتها فإنها ليست أكثر من أن تكون محض مصادفة أو - على أحسن تعبير - نوعا من التكريم الذي يمنحه الله بعض الصالحين.
ونسبة الرسائل والأناجيل إلى أصحابها ليست قطعية، ويوشك أن يكون مقطوعا بخطأ النسبة في بعضها كإنجيل يوحنا.
ويكثر التناقض بين هذه الأسفار، وقد عد الباحثون مئات من الأمثلة لهذا التناقض، وخبر القبض على المسيح ومحاكمته، موضع اختلاف كبير بين هذه الأناجيل، والموحى به لا يمكن أن يوجد فيه مثل هذا التناقض، وسنعطي أمثلة من التناقض عند الكلام عن نقد المسيحية.
ويتضح من الأناجيل نفسها أنها ليست إلهاما، فقد سبق أن اقتبسنا من لوقا السبب الذي جعله يؤلف إنجيله وذلك قوله (إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المستيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة، رأيت أنا أيضا إذ تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق أن أكتب إليك أيها العزيز ثاوفيلس (1)) فلوقا